فصل: (سورة الزخرف: آية 17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



1- فن الحذف: في قوله تعالى: {لَيَقولنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}.
حيث حذف الموصوف، وهو اللّه سبحانه تعالى، وأقام صفاته مقامه، لأن الكلام مجزأ، فبعضه من قولهم، وبعضه من قول اللّه تعالى. فالذي هو من قولهم (خلقهن)، وما بعده من قول اللّه عز وجل. وأصل الكلام أنهم قالوا: خلقهن اللّه، ويدل عليه قوله في الآية الأخرى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقولنَّ اللَّهُ} ثم لما قالوا: خلقهن اللّه، وصف ذاته بهذه الصفات ولما سيق الكلام كله سياقه، حذف الموصوف من كلامهم، وأقيمت الصفات المذكورة من كلام اللّه تعالى مقامه، كأنه كلام واحد. ونظير هذا أن تقول للرجل: من أكرمك من القوم؟ فيقول: أكرمني زيد، فتقول أنت واصفا المذكور: الكريم الجواد الذي صفته كذا وكذا.
2- الالتفات: في قوله تعالى: {فَأَنْشَرْنا}.
حيث وقع الانتقال من كلامهم إلى كلام اللّه عز وجل، فجاء أوله على لفظ الغيبة، وآخره على الانتقال منها إلى التكلم، في قوله: {فأنشرنا}.
ومن هذا النمط قوله تعالى، حكاية عن موسى: {قال عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجًا مِنْ نَباتٍ شَتَّى}، فجاء أول الكلام حكاية عن موسى إلى قوله (ولا ينسى)، ثم وقع الانتقال من كلام موسى إلى كلام اللّه تعالى، فوصف ذاته أوصافا متصلة بكلام موسى حتّى كأنه كلام واحد. وابتدأ في ذكر صفاته على لفظ الغيبة إلى قوله: {فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجًا مِنْ نَباتٍ شَتَّى}.
3- سرّ الحال: في قوله تعالى: {وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ}.
فكم من راكب دابة عثرت به، أو شمست، أو تقحمت، أو طاح من ظهرها فهلك وكم من راكبين في سفينة انكسرت بهم فغرقوا، فلما كان الركوب مباشرة أمر مخطر، واتصالا بسبب من أسباب التلف كان من حق الراكب، وقد اتصل بسبب من أسباب التلف، أن لا ينسى عند اتصاله به شؤمه، وأنه هالك لا محالة، فمنقلب إلى اللّه غير منفلت من قضائه، ولا يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه، حتى يكون مستعدا للقاء اللّه بإصلاحه من نفسه.

.[سورة الزخرف: آية 15]:

{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15)}.

.الإعراب:

(الواو) استئنافيّة (له) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (من عباده) متعلّق بـ (جعلوا)، (اللام) مزحلقة.
جملة: {جعلوا} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {إنّ الإنسان لكفور} لا محلّ لها استئنافيّة.

.[سورة الزخرف: آية 16]:

{أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (16)}.

.الإعراب:

(أم) بمعنى بل، أو بمعنى الهمزة، أو بمعنى بل والهمزة وهي للإنكار، (ممّا) متعلّق بـ (اتخذ) وهو في موضع المفعول الثاني (بنات) مفعول به أوّل منصوب وعلامة النصب الكسرة ملحقّ بجمع المؤنّث (الواو) عاطفة- أو حالية- (بالبنين) متعلّق بـ (أصفاكم).
وجملة: {اتّخذ} في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي: أم تقولون اتّخذ.
وجملة: {يخلق} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: {أصفاكم} في محلّ نصب معطوفة على جملة اتّخذ.

.[سورة الزخرف: آية 17]:

{وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17)}.

.الإعراب:

(الواو) استئنافيّة (بما) متعلّق بـ (بشّر)، (للرحمن) متعلّق بـ (ضرب)، (مثلا) مفعول به ثان عامله ضرب بتضمينه معنى جعل، والمفعول به الأول محذوف أي ضربه (الواو) حاليّة.
جملة: {بشّر أحدهم} في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {ضرب} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: {ظلّ وجهه} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {هو كظيم} في محلّ نصب حال.

.[سورة الزخرف: آية 18]:

{أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)}.

.الإعراب:

(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الواو) استئنافيّة (من) موصول في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره يجعلون، ونائب الفاعل لفعل (ينشأ) ضمير يعود على (من)، (في الحلية) متعلّق بـ (ينشّأ)، (الواو) حالية (في الخصام) متعلّق بـ (مبين).
جملة: (يجعلون) {من} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {ينشّأ} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: {هو} {غير مبين} في محلّ نصب حال.

.[سورة الزخرف: الآيات 19- 23]:

{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (19) وَقالوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قالوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قال مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)}.

.الإعراب:

(الواو) استئنافيّة- أو عاطفة- (الذين) موصول في محلّ نصب نعت للملائكة (إناثا) مفعول به ثان عامله جعلوا (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ.
جملة: {جعلوا} لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على جملة الاستئناف المقدّرة في الآية السابقة- وجملة: {هم عباد الرحمن} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: {شهدوا} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {ستكتب شهادتهم} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {يسألون} لا محلّ لها معطوفة على جملة ستكتب.
20- (الواو) عاطفة (لو) حرف شرط غير جازم (ما) نافية في الموضعين (لهم) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (بذلك) متعلّق بحال من علم (علم) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخّر (إن) حرف نفي (إلّا) للحصر.
وجملة: {قالوا} لا محلّ لها معطوفة على جملة جعلوا.
وجملة: {شاء الرحمن} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {ما عبدناهم} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {ما لهم بذلك من علم} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {إن هم إلّا يخرصون} لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة- وجملة: {يخرصون} في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم).
21- (أم) منقطعة بمعنى بل وهمزة الإنكار، (كتابا) مفعول به ثان منصوب (من قبله) متعلّق بنعت لـ (كتابا) والضمير في (قبله) يعود على القرآن العظيم، (الفاء) عاطفة (به) متعلّق بـ (مستمسكون).
وجملة: {آتيناهم} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {هم به مستمسكون} لا محلّ لها معطوفة على جملة آتيناهم.
22- (بل) للإضراب الانتقاليّ (على أمّة) متعلّق بحال من آباء (على آثارهم) متعلّق بالخبر (مهتدون).
وجملة: {قالوا} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {إنّا وجدنا} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {وجدنا} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {إنّا على آثارهم} في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
23- (الواو) عاطفة (كذلك) متعلّق بمحذوف خبر والمبتدأ مقدّر أي الأمر كذلك بعجزهم عن الحجّة وتمسّكهم بالتقليد (ما) نافية (من قبلك) متعلّق بحال من نذير، (في قرية) متعلّق بـ (أرسلنا)، (إلّا) للحصر {إنّا وجدنا} {مقتدون} مثل: إنا وجدنا... مهتدون (في الآية السابقة).
وجملة: (الأمر) كذلك... لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا.
وجملة: {ما أرسلنا} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {قال مترفوها} في محلّ نصب حال.
وجملة: {إنّا وجدنا} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {وجدنا} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {إنّا على آثارهم} في محلّ نصب معطوفة على جملة إنّا وجدنا.

.الصرف:

(21) مستمسكون: جمع مستمسك، اسم فاعل من السداسيّ استمسك، وزنه مستفعل بضمّ الميم وكسر العين.
(23) مقتدون: جمع المقتدي، اسم فاعل من الخماسيّ اقتدى، وزنه مفتع- المفتعل- بضمّ الميم وكسر العين ففي (مقتدون) إعلال بالحذف، أصله مقتديون- بكسر الدال وضمّ الياء- استثقلت الضمة على الياء فسكّنت ونقلت الضمّة إلى الدال- إعلال بالتسكين- ثمّ حذفت الياء لالتقاء الساكنين فأصبح مقتدون وزنه مفتعون.

.الفوائد:

- بناء الفعل للمجهول.
يقسم الفعل إلى مبني للمعلوم ومبني للمجهول، فالأول ما ذكر معه فاعله مثل: كسر الولد الزجاج، والثاني ما حذف فاعله وأنيب عنه غيره، مثل: كسر الزجاج.
ويجب عند البناء للمجهول تغيير صورة الفعل، فإن كان ماضيا كسر ما قبل آخره وضم كلّ متحرك قبله، مثل: (حفظ الكتاب) و(تقبّلت الصدقة) (استخرج المعدن).
وإن كان مضارعا ضم أوله وفتح ما قبل آخره، (يقطع الغصن) (يتعلّم الحساب) (يستخرج المعدن).
فإن كان ما قبل آخر الماضي ألفا قلبت ياء وكسر ما قبلها، فنقول في: قال واختار. قيل واختير.
وإن كان ما قبل آخر المضارع حرف مد قلبت ألفا: يقول ويبيع يصبحان: يقال ويباع.
ملاحظة: الفعل اللازم لا يبنى للمجهول إلا إذا كان نائب الفاعل مصدرا أو ظرفا أو جارا ومجرورا، مثل: (احتفل احتفال عظيم) و(ذهب أمام الأمير) و(فرح بالعيد).
2- الفعل المتعدي لمفعولين يصبح المفعول الأول نائب فاعل، والمفعول الثاني يبقى على حاله، مثل: (أعطي الفقير مالا) الفقير نائب فاعل، ومالا مفعول به ثان.

.[سورة الزخرف: الآيات 24- 25]:

{قال أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)}.

.الإعراب:

(الهمزة) للاستفهام (الواو) حالية (لو) حرف شرط غير جازم (بأهدى) متعلّق بـ (جئتكم)- أو بحال من ضمير الخطاب في (جئتكم)، (ممّا) متعلّق بـ (أهدى)، (عليه) متعلّق بحال من (آباءكم)، (بما) متعلّق بـ (كافرون) (به) متعلّق بـ (أرسلتم)، وضمير الخطاب نائب الفاعل.
جملة: {قال} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {جئتكم} في محلّ نصب حال.. ومقول القول محذوف أي أتفعلون ذلك ولو جئتكم وجواب الشرط مقدّر دلّ عليه مقول القول المحذوف.
وجملة: {وجدتم} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: {قالوا} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {إنّا} {كافرون} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {أرسلتم به} لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
25- (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب (منهم) متعلّق بـ (انتقمنا)، (الفاء) الثانية رابطة لجواب شرط مقدّر (كيف) اسم استفهام في محلّ نصب خبر كان.
وجملة: {انتقمنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا.
وجملة: {انظر} في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن كذّبك قومك فانظر.
وجملة: {كان عاقبة} في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلّق عن العمل المباشر بالاستفهام وذلك بتقدير الجارّ.

.البلاغة:

فن الإلجاء: في قوله تعالى: {قال أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ} الآية، ومعنى هذا الفن البلاغي: أن يبادر المتكلم الخصم بما يلجئه إلى الاعتراف بحقيقة نفسه ودخيلة قلبه.
ففي الآية الكريمة، التعبير بالتفضيل المقتضي أن ما عليه آباؤهم فيه هداية، لم يكن إلا لإلجائهم إلى الاعتراف بحقيقة نيّاتهم التي يضمرونها. كأنه يتنزل معهم إلى أبعد الحدود، ويرخي العنان لهم، ليعترفوا.

.الفوائد:

- كيف الاستفهامية.
وهي اسم: للإخبار بها ومباشرتها الفعل (كيف كنت)، فهي هنا في محل نصب خبر مقدم لكنت، وهذا دليل على أنها اسم.
وقد وردت في الآية التي نحن بصددها خبرا لكان في قوله تعالى: {فانظر كيف كان عاقبة المكذبين} ويكون إعرابها:
1- خبرا إن وليها اسم مثل: كيف أنت، أو فعل ناقص مثل: كيف كنت.
2- وتعرب حالا إذا وليها فعل تام (أي غير ناقص) مثل:
كيف جاء زيد. وكثير من النحاة، ومنهم ابن هشام، يعربونها في أمثال ذلك مفعولا مطلقا، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ} أي (أيّ فعل فعل).
ملاحظة: